سيطرت فكرة تقليدية على النقاشات الأكاديمية لعقود طويلة، مفادها أن القوى العظمى والدول الكبرى وحدها هي القادرة على التأثير فى البيئة الدولية بما يحقق مصالحها الاستراتيجية ويضمن أمنها القومى، فيما يكون تأثير الدول الصغيرة والمتوسطة محدودًا وغير مؤثر. مع ذلك، شهد العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين تحولات كبرى فى سياسات التأثير الدولي، نتيجة لتنامى دور الفاعلين من غير الدول العابرين للحدود، مثل الشركات المتعددة الجنسيات والجماعات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة، التى أصبحت قادرة على إحداث تأثير فى البيئة الدولية يهدد مصالح الدول بشكل عام، بما في ذللك الدول الكبرى والقوى العظمى. تهدف هذه الدراسة إلى تحليل أبعاد التغير فى سياسات صنع التأثير فى البيئة الدولية، وكيف أصبحت الدول تواجه تحديات جديدة تتعلق بكيفية الحفاظ على تأثيرها فى ظل تزايد عدد الفاعلين الدوليين الذين يمتلكون قدرة على التأثير فى التفاعلات الدولية بمجالاتها المتعددة. تنقسم الدراسة إلى قسمين رئيسيين، يناقش الأول الإطار النظرى الخاص بتحليل سياسات التأثير الخارجى فى البيئة الدولية، فيما يستعرض الآخر أربع حالات تطبيقية تعكس التغير في سياسات التأثير، وتشمل تأثير شبكات الاتجار غير المشروع فى المخدرات عبر الحدود، وتأثير حركة المقاطعة للمنتجات الامريكية فى أثناء الحرب على غزة فى الثامن من أكتوبر ،۲۰۲۳ ، وتأثير حملات نشر المعلومات في البحر الأحمر. المضللة Disinformation على منصات التواصل الاجتماعى الرقمية، وتأثير جماعة الحوثيين في الملاحة البحرية