دأبت إسرائيل، منذ تأسيسها فى ١٤ مايو عام ١٩٤٨ ، على محاولة تعديل و / أو تغيير البيئة الإقليمية فى منطقة الشرق الأوسط؛ لكى تندمج في محيطها الجيواستراتيجي. تفاوتت وتيرة المحاولات الإسرائيلية المستميتة فى هذا الإطار، بحسب المتغيرات الاستراتيجية التى تنتجها تطورات التفاعل مع الدول العربية خصوصا، وبقية الفاعلين الإقليميين الرئيسيين الآخرين فى المنطقة، لا سيما إيران وتركيا. والتطورات التي يشهدها الشرق الأوسط ضوء حربى غزة ولبنان، شجعت إسرائيل المغترة بقوتها العسكرية على السعى مجددا لإعادة هيكلة الشرقالأوسط، وفق مصالحها ورؤيتها لأمنها القومى.إلا أن إمعان النظر يكشف غياب رؤية إسرائيلية واحدة متماسكة بشأن ما تريد تغييره في المنطقة، وإنما هي «شتات» من الأطروحات والرؤى الجزئية غير المتكاملة وربما غير القابلة للتطبيق العملى ما يمكن معه القول إن هناك ضبابية فى رؤية تل أبيب لملامح الشرق الأوسط الذى تريده خلال المستقبل المنظور. وتبقى ثمة فرص النجاح إسرائيل فى فرض رؤيتها لتغييرالشرق الأوسط، لكنها ليست مضمونة بشكل مؤكد، حيث سيعتمد ذلك على قدرتها على إدارة التحديات الداخلية والخارجية، إضافة إلى استعداد دول المنطقة للتكيف مع محاولات التغيير الإسرائيلية الإجبارية أو التصدى لها.من ناحية أخرى، قد يعرقل استمرار النزاعات الراهنة أو اندلاع أزمات جديدة ترتيب الأولويات الإقليمية والدولية على نحو ينسف المحاولة الإسرائيلية للتغيير أوعلى أقل تقدير يربكها ويؤجلها حتى إشعار آخر.